أشرف جمعة (أبوظبي)

تشهد فعاليات مهرجان سلطان بن زايد التراثي في دورته الحالية «من 20 يناير الماضي إلى 2 فبراير الجاري» حضور العديد من الزوار ومن مختلف الأعمار، وبمشاركة أسر وعائلات، ووفود مدرسية وسياحية وضيوف، وأعضاء من العاملين في السلك الدبلوماسي لدى الدولة، وغيرهم، لمتابعة أكثر من 64 فعالية تشكل همزة وصل بين الماضي والحاضر.
ويسجل المهرجان الذي يقام في سويحان برعاية كريمة من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات منصة تراثية عالمية تحتفي بماضي الآباء والأجداد الجميل، وتشهد النسخة الحالية من هذا العرس الثقافي أكبر عدد من المشاركين في المسابقات، المصاحبة مثل مسابقتي الشعر الشعبي والتصوير الضوئي، أو المسابقات التراثية الثقافية، التي تشرف عليها لجنة التواصل مع المدارس، بمعدل 3 مسابقات يومية، إلى جانب الورش التراثية التدريبية التي تزيد عن 80 ورشة في مختلف الصناعات والحرف اليدوية التقليدية، التي تقام على مسرح السوق الشعبي، حيث أصبح المهرجان الذي يلقى كل الاهتمام والدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة في الدولة، معلما من معالم الحفاظ على الشخصية الإماراتية والهوية الوطنية، والعادات والتقاليد الأصيلة، وخير دليل على أن المعاصرة لا يمكن أن تتنافى مع الإرث الثقافي للدولة، والذي يتجلى في كل مسابقات المهرجان دون استثناء.
ومن بين هذه الفعاليات الصقارة، والعروض المميزة للسيارات الكلاسيكية، والخيول الأصيلة والهجن العربية في قرية الطفل، تحت مظلة قرية بوذيب العالمية للقدرة التابعة لنادي تراث الإمارات، بجانب العروض الفنية والفلكلورية والمسرحية المخصصة للأطفال، وقد حرصت اللجنة العليا المنظمة للمهرجان في نسخته الثالثة عشرة على توفير مجموعة من الفعاليات التي تلبي احتياجات الأسر والعائلات، بجانب الاهتمام بالحضور السياحي واستقطاب عدد كبير من الوفود السياحية الأجنبية للفعاليات، من خلال جهود لجنة الترويج السياحي، بحيث تم تسجيل المهرجان على خارطة المؤسسات والشركات السياحية في الدولة.


ونجح المهرجان في استقطاب ما يزيد على 500 سائح بشكل يومي من جنسيات مختلفة، في إطار جهود صون التراث الثقافي وتعزيز سبل حمايته ونشره والحفاظ عليه من الاندثار، ومن ثم استقطاب كافة الشرائح والفئات محليا وإقليميا ودوليا، لمتابعة الفعاليات وإشاعة روح المحبة والتسامح، لتقديم كرنفال وعرس شعبي تراثي يليق بحجم ومكانة وريادة الإمارات منصة عالمية في الثقافة والتراث، في إطار إستراتيجيته، التي تتمحور حول صون التراث الثقافي المحلي لدولة الإمارات ونقله للأجيال القادمة، كأحد أهم المسؤوليات والمهام التي يريد من خلالها الشعب الإماراتي، تعميق صلته بالأجداد وبالماضي البعيد، الشيء الذي يجعل التقدّم نحو المستقبل المشرق لدولة الإمارات أكثر إصراراً وتمسكاً بالهوية الأصيلة ذات الحضارة الغنية، وما هذا الاهتمام العالمي بالمهرجان على المستوى الإعلامي والإقبال الاستثنائي اليومي على الفعاليات إنما يصب في قناة الريادة الإماراتية في تحقيق معادلة الأصالة والمعاصرة.

نشاطات نوعية
وشهد اليوم إقبالا كبيرا من الجمهور على دكان نفح الورد الذي تعرض فيه المواطنة مريم محمد سعيد الكعبي «أم عيسى»، الذي أصبح بمثابة وجهة مهمة لزوار السوق الشعبي، الذين يبحثون عن العطور المحلية والأعشاب والدهون النباتية، وأوضحت صاحبة خبرة مدتها 17 عاما في تصنيع خلطات العطرية المحلية في منزلها، أنها تعرض للجمهور خلطات من دهن العود، المسك، الفوعة، العنبر، عرق الحناء، الزعفران، كما أقوم بتجهيز العود المعطّر، الدخون الصلب والسائل، وأنواع مختلفة من المخمريات التي تمر بعدة مراحل لاكتمال تصنيعها.
وقالت: أقوم أولا بعملية طحن المسك والزعفران، ثم أضيف عطورات مناسبة لها مثل العنبر والصندل والزعفران، ويتم تخمير هذا المخلوط تحت الأرض لمدة 40 يوما، حتى يتشكل لدينا في النهاية مخمرية دهن العود، ومخمرية الزعفران، كما أقوم بتصنيع اللبان العطر لتبخير البيوت، لمنحها رائحة طيبة. وأشارت إلى أنها معروفة في المهرجانات والمناسبات والأحداث التي تنظمها أو تستضيفها دولتنا الحبيبة، خاصة مهرجان سلطان بن زايد التراثي، لما له من أهمية وتميز وجمهور عريض. كما شهدت أروقة وأركان السوق ورشة تدريبية بحرية بمشاركة 50 طالبا وطالبة من المنتسبين لمدرسة الوطن الابتدائية بمدينة شخبوط، بإشراف الخبير التراثي في نادي ترا ث الإمارات حثبور بن كداس الرميثي، الذي عرفهم بأهمية ومكانة رحلات الغوص التقليدية على اللؤلؤ في المجتمع البحري الإماراتي قديما، كما تم تعريفهم بأنواع اللؤلؤ وكيفية استخراجه والأدوات المستخدمة في مثل هذه الرحلات، بجانب ورش ونشاطات متنوعة تميزت بقدرتها على إثارة الحماسة والتشويق بين الجميع، وزينت المنتوجات التراثية في الأجنحة والأركان كل مكان من المهرجان والتي كان مصدرها الأول السوق الشعبي، الذي يحفل بفعاليات يومية نوعية من خلال 70 محلا.

سوق موازية
وتنفيذا لتوجيهات واهتمامات سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات، بتشجيع كافة العاملين في مجالات التراث، وتقديم كافة التسهيلات لهم، وتعزيز مكانة المهن والحرف التقليدية، ونشرها والعمل على إحيائها محافظة عليها، وفرت اللجنة العليا المنظمة لمهرجان سلطان بن زايد التراثي، الخدمات لمجموعة كبيرة من التجار وأصحاب المهن التراثية التقليدية، لتقديم مشروعاتهم الصغيرة في سوق موازية للسوق الشعبي المصاحب للمهرجان، تحت مسمّى «سوق الخيام التراثي» الذي يشكل إضافة جديدة لنجاحات الفعاليات المصاحبة للحدث الرئيس، وتشتمل هذه السوق على نحو 56 محلا، من أهمها محل سلوم بن صقر الوهيبي، الذي يقوم بصناعة كافة أدوات زينة الابل، خاصة المشاركة في مزاينات المهرجان، إلى جانب العصا التراثية التي يطلق عليها اسم «باكورة» كما تزدهر في هذه السوق تجارة الحطب، التي كانت جزءا من عصب اقتصاد المجتمع الإماراتي قديما، ويستخدم اليوم في تجهيز الولائم التي تقام في العزب المجاورة بمناسبة الاحتفاء بالفائزين بمزاينات المهرجان، وكذلك في أمسيات السمر والجلسات الليلية في العزب، كما تزدهر في السوق تجارة الفخاريات، التي تعتبر من الحرف التقليدية المحلية، خاصة في إمارة رأس الخيمة، وتجد في سوق الخيام عدداً من المعروضات من قدور الطعام إلى محلات الخضروات والأقمشة، والعسل المحلي، وبيوت الشعر التي تُصنع من صوف الجمال الخشن أسود اللون، وغيرها من الصناعات والمعروضات من مثل مستلزمات الرحلات الشتوية والصيفية والمنتجات التراثية التي تجد إقبالا ملحوظا من رواد المهرجان، حيث تتكامل رسالة هذا السوق مع رسالة السوق الشعبي الرئيسي في تعزيز مكانة الموروث الشعبي.

شعار المهرجان
وشهد السوق الشعبي زيارة مجموعة من الوفود المدرسية من بينها من مدرسة الإخلاص الخاصة ضم 40 طالباً، نظمت لهم لجنة التواصل مع المدارس برنامج اشتمل على مشاركتهم في رسم لوحة تعبر عن شعار مهرجان سلطان بن زايد التراثي 13، بطول 15 مترا وعرض متر، وتضمنت اللوحة التي نفذت ضمن ورشة أشرف عليها مركز أبوظبي النسائي التابع للنادي على كتابة ورسم مفردات عن علم الإمارات، وكلمات وجمل تعبر عن الولاء للقيادة الحكيمة وحب الإمارات، كما نظمت للمشاركين ورشة تدريبية في صناعة الطائرات الورقية، وكيفية إطلاقها في الهواء، في أجواء من الفرح والبهجة، حيث عبر الطلاب أحمد يوسف الحمادي ونادر السيد محمد وعلاء لؤي عدوان عن سعادتهم الغامرة بالمشاركة في ورشات السوق الشعبي وزيارة المهرجان والاطلاع على فعالياته المختلفة.
فضلا عن كونها من المطيبات التي تضفي على الطعام نكهات وروائح مميزة، فإن بهارات فاطمة سالم عبد الله الشامسي، المعروفة بـ «أم عبد الله» التي تعرضها في أحد دكاكين السوق الشعبي، تعتبر استثنائية، فهي كما ذكرت تقوم بتجهيزها يدويا في منزلها، بعد خبرة نحو 5 سنوات في هذه المهنة التي تنعش المطبخ الإماراتي على وجه الخصوص.

حياك في بلادي
يحرص البرنامج الإذاعي «حياك في بلادي» على تقديم تغطية إعلامية مباشرة لأحداث وفعاليات المهرجان والتي تبث يوميا على الإذاعة الأولي التابعة لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث على تردد الإذاعة 4.107، وبحسب مذيع البرنامج خليفة عبد الله الفلاسي، يهدف البرنامج إلى تغطية ونقل جميع الفعاليات التراثية والثقافية والمجتمعية المحلية في الإمارات من خلال فريق عمل مؤهل ومجموعة من المراسلين المتميزين، لتسليط الضوء على الفعاليات التراثية بوجه خاص وتراث الإمارات بوجه عام من أجل إحياء الموروث العريق وتحفيز الناشئة والشباب على أن يكونوا على تواصل دائم والاطلاع على تراثهم.

زينة الإبل
ركن أدوات زينة الإبل في السوق الشعبي الذي تديره كل من حمده صروخ راشد الدرعي وشمة مبارك سواد الدرعي يشهد إقبالاً كبيراً من جمهور السوق الشعبي، وأوضحتا أنهما تديران من منزليهما مشروعا صغيرا لصناعة أدوات زينة الإبل والمشغولات اليدوية المصنوعة من الصوف الطبيعي، مثل الحقائب والسجاد الصغير الحجم والمفارش والبسط وغيرها، وأكدتا أهمية تواجدهما في المهرجان في كل عام لإنجاحه ودعمه وإبراز قيمة وجماليات الحرف اليدوية التراثية، وأن هذا المهرجان المتميز يقدم لنا فرصة ثمينة لعرض منتوجاتنا ويسهم في نجاح مشروعنا.